لم يطرأ أي تحسن على الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، رغم استمرار عمليات إسقاط المساعدات جواً والسماح مؤخراً بدخول عدد محدود من الشاحنات عبر المعابر، في ظل تعثر مسارات التفاوض وتصاعد العمليات العسكرية على أكثر من جبهة داخل القطاع.

وفي هذا السياق المتدهور، تتصاعد مشاعر الغضب وخيبة الأمل بين سكان غزة، الذين يواجهون أزمة غير مسبوقة في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، وسط اتهامات متزايدة لقيادة حركة حماس في الخارج برفع سقف المطالب التفاوضية، بينما يعاني المدنيون من الجوع والحصار والدمار.

ويعبّر كثير من الغزيين عن شعور متزايد بالخذلان، ليس فقط من المجتمع الدولي الذي يعتبرون جهوده لوقف الحرب غير كافية للضغط على إسرائيل، بل أيضاً من حماس، التي يرون أن قيادتها باتت منفصلة عن واقع القطاع، خاصة بعد ما نُقل عن طرحها شروطاً جديدة ساهمت في إفشال صفقة محتملة لوقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.

وتفيد تقارير ميدانية بأن جزءاً من المساعدات الإنسانية، التي تدخل بصعوبة بالغة، لا تصل إلى مستحقيها، إذ يجري تحويلها أو الاستيلاء عليها من قبل مجموعات إجرامية، أو تُفقد وسط الفوضى والانفلات، ما يحرم الفئات الأشد حاجة منها.

وتتهم إسرائيل عناصر مرتبطة بحماس بالاستيلاء على بعض المساعدات واستخدامها لأغراض تنظيمية أو توزيعها بشكل غير عادل، وهو ما يعمّق تعقيدات المشهد الإنساني، ويزيد من حالة الإحباط واليأس في صفوف السكان.

وتفاقم هذه الاتهامات، إلى جانب ما يُتداول عن نمط حياة مرفّه لقيادات الحركة في الخارج، حالة الاحتقان الشعبي. ففي الوقت الذي يعيش فيه أطفال غزة في ظروف لا إنسانية، ويتضور الأهالي جوعاً تحت القصف والركام، يشعر كثيرون بأن أولويات القيادة لم تعد تتماشى مع احتياجات الناس اليومية.

"نريد وقفاً فورياً لإطلاق النار... نريد فقط أن نعيش"، يقول أحد سكان غزة باقتضاب. وهو مطلب يتردد كثيراً في أحاديث الناس هذه الأيام، وسط شعور واسع بأن معاناة المدنيين لا تحظى بالاهتمام الكافي من الأطراف المعنية، سواء في الداخل أو الخارج.

وفي ظل هذا التباين الصارخ بين واقع الحياة داخل غزة والصورة المنقولة عن حياة قادة حماس خارجها، تتسع الفجوة بين القاعدة والقيادة، ويتحوّل الإحباط إلى غضب قد يكون من الصعب احتواؤه إذا استمر الحال على ما هو عليه.